الرئيس السوري السابق بشار الأسد
تحقيق لـ "نيويورك تايمز" يكشف: تفاصيل الساعات الأخيرة وهروب بشار الأسد إلى موسكو
- تحولت طرقات دمشق إلى مسرح لقوافل من السيارات الفارهة المتجهة نحو الساحل
في تحقيق استقصائي مطول، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن تفاصيل دراماتيكية للساعات الأخيرة التي سبقت سقوط نظام بشار الأسد، مسلطة الضوء على عملية الهروب الجماعي التي نفذها الرئيس المخلوع وكبار أركان نظامه، والدور المحوري الذي لعبته روسيا في تأمين فرارهم من سوريا.
الليلة التي اختفى فيها الأسد
بدأت القصة بعد منتصف ليلة الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، حين اكتشف كبار مساعدي الرئيس في القصر الجمهوري أن بشار الأسد قد نُقل سراً في موكب روسي إلى قاعدة حميميم الساحلية، برفقة ابنه واثنين من مستشاريه الماليين، وذلك في الوقت الذي كان فيه المقربون منه يعتقدون أنه يضع خطة دفاعية مع حلفائه لصد تقدم المعارضة.
وما إن شاع خبر فرار رأس النظام، حتى دب الذعر في أروقة الحكم. وبحسب مصادر الصحيفة، اتصل أحد كبار المسؤولين بعائلته قائلاً: "لقد رحل، احزموا حقائبكم فوراً".
وخلال ساعات، تحولت طرقات دمشق إلى مسرح لقوافل من السيارات الفارهة المتجهة نحو الساحل، فيما تولت السفارة الروسية إيواء آخرين وتأمين ممرات آمنة لهم، منهم من استقل طائرات، ومنهم من هرع إلى فيلاته الساحلية لينطلق عبر زوارق فاخرة.
الدور الروسي في عملية الإنقاذ
لعبت موسكو دوراً حاسماً في عملية الإنقاذ، حيث أكدت صور الأقمار الصناعية إقلاع طائرة "ياك–40" روسية من دمشق فجراً وهبوطها في قاعدة حميميم، التي وصف شهود عيان الفوضى داخلها بالمشهد غير المسبوق؛ من ضباط يرمون بزاتهم العسكرية، ومسؤولين يحملون حقائب مليئة بالذهب، ومستشارين روس ينظمون رحلات الإجلاء إلى موسكو.
وبينما كان كبار القادة يفرون، بقي الآلاف من عناصر المخابرات العامة داخل مقارهم، غير مدركين أن رؤساءهم قد تخلوا عنهم. وذكرت الصحيفة أن مديرهم، حسام لوقا، كان يطمئنهم حتى آخر لحظة، قبل أن يفر هو نفسه بعد الاستيلاء على 1.36 مليون دولار من خزينة الجهاز.
كما فر أيضاً علي مملوك، رئيس الأمن القومي الملقب بـ"الصندوق الأسود" للنظام، وكمال الحسن، رئيس شعبة المخابرات العسكرية، الذي أُصيب أثناء محاولته الهرب قبل أن تسهل السفارة الروسية نقله إلى الخارج.
المتوارون عن الأنظار ووسائل الاختفاء
تتبع فريق من "نيويورك تايمز" مصير 55 من كبار المسؤولين السابقين، ليجد أن بشار الأسد نفسه يقيم اليوم في روسيا، مقطوع الصلة بمعظم رجاله.
أما شقيقه ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة سيئة السمعة، فيعيش حياة بذخ في موسكو.
وكشفت مصادر للصحيفة أن عديداً من هؤلاء المسؤولين الهاربين حصلوا قبل سقوط النظام على جوازات سفر سورية حقيقية بأسماء مزورة، استخدموها لاحقاً للحصول على جنسيات من دول في جزر الكاريبي عبر برامج الاستثمار العقاري، مما مكنهم من الاختفاء والإفلات من العقوبات.
هروب بالصدفة وعدالة بعيدة المنال
لم تكن كل عمليات الفرار سلسة، فاللواء السابق بسام حسن، أحد أبرز رجال الأسد والمتهم بالهجمات الكيميائية، نجا من الاعتقال بمحض الصدفة أثناء هروبه مع عائلته بسيارات محملة بالأموال.
وبالنسبة لعشرات الآلاف من السوريين الذين كانوا ضحايا لنظام الأسد، يبدو أن مسار العدالة يسير بلا هدف.
ويختتم التحقيق بالإشارة إلى أن الآمال في قيام محكمة دولية لتحقيق العدالة تتضاءل، بينما لا يزال كبار رجال النظام السابق يعيشون حياة الترف، "والعدالة تظل بعيدة المنال".