جلسة سابقة لمجلس النواب.. ارشيفية
من سيترأس الجلسة الأولى لمجلس النواب في دورته الثانية؟
- المادة (3) من النظام الداخلي تفرض آلية دقيقة لإدارة الجلسة الأولى، فهي تنص على أن "يتولى الرئاسة الأقدم في النيابة" وهو النائب مجحم الصقور.
- إذا كان الصقور يطمح لخوض انتخابات الرئاسة، ينتقل الحق في ترؤوس اول جلسات النواب تلقائيا إلى من يليه في الأقدمية، وهو النائب موسى الوحش.
مع اقتراب انعقاد الدورة العادية الثانية لمجلس النواب العشرين، لا يقتصر المشهد الافتتاحي على الإجراءات البروتوكولية المعتادة، بل يتحول إلى مؤشر سياسي مبكر يكشف خريطة التحالفات وطموحات "الوزن الثقيل" في المجلس.
يبرز هذا العام نص المادة (3) من النظام الداخلي، التي تحدد هوية من سيدير الجلسة الأولى، كأداة إجرائية تضع أقدم النواب، مجحم الصقور، أمام خيار سياسي حاسم: إما نيل شرف "رئاسة الافتتاح" أو الاحتفاظ بحقه في خوض "معركة الرئاسة" الفعلية.
رمزية "الأقدمية" وجوهر "معركة الرئاسة"
تكتسب الجلسة الأولى لمجلس النواب أهمية دستورية وبروتوكولية بالغة، فهي تلي مباشرة خطاب العرش السامي الذي يحدد ملامح عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية. ووفقا للأعراف البرلمانية الراسخة التي قننها النظام الداخلي، يعهد بإدارة هذه الجلسة الإجرائية إلى "شيخ النواب" أو الأقدم في الخدمة النيابية. هذا التقليد لا يمثل تكريما لشخص النائب الأقدم فحسب، بل يرمز إلى استمرارية المؤسسة التشريعية واحترام الخبرة المتراكمة.
لكن الأهمية السياسية الحقيقية لهذه الجلسة تكمن في أول بند على جدول أعمالها: انتخاب رئيس المجلس الدائم. تعد "معركة الرئاسة" الحدث السياسي الأبرز داخل البرلمان، كونها تحدد هوية الرجل الثاني في هرم الدولة الدستوري، ورأس السلطة التشريعية الذي سيدير الحوار الوطني، ويقود العلاقة مع الحكومة، ويوازن بين الكتل والتوجهات تحت القبة. هنا، يتدخل النظام الداخلي ليضع "قيدا" سياسيا هاما على "النائب الأقدم".
التفاصيل: المادة 3
تفرض معادلة "الاختيار المبكر" توضح المادة (3) من النظام الداخلي آلية دقيقة لإدارة الجلسة الأولى، فهي تنص على أن "يتولى الرئاسة الأقدم في النيابة...". وبتطبيق هذا النص على المجلس الحالي، يذهب هذا الحق مباشرة إلى النائب مجحم الصقور، الذي بدأ مسيرته النيابية في المجلس الثالث عشر عام 1997، مما يجعله "شيخ النواب" بلا منازع.
لكن المادة ذاتها تضع شرطا قاطعا: "ومنعت المادة ذاتها من تولى رئاسة الجلسة الافتتاحية الترشح لموقع رئيس مجلس النواب في الدورة".
هذا النص يحول منصة الشرف المؤقتة إلى "كرسي مانع" (Disqualifying Chair). وبناء عليه، يجد النائب الصقور نفسه أمام سيناريوهين:
- القبول بالرئاسة الشرفية: إذا اعتلى الصقور المنصة لإدارة الجلسة، بمساعدة أصغر عضوين، فإنه يعلن رسميا، وبشكل قاطع، عزوفه عن الترشح لمنصب الرئيس الدائم.
- الرفض من أجل الترشح: إذا كان الصقور يطمح لخوض انتخابات الرئاسة، فعليه "التغيب" عن المنصة أو إعلان رغبته في الترشح، مما يدفعه للتنازل عن حقه في إدارة الجلسة.
في الحالة الثانية، ينتقل الحق تلقائيا إلى من يليه في الأقدمية، وهو النائب موسى الوحش (الذي بدأ نيابته عام 2003). وفي هذه الحالة، سيواجه الوحش نفس المعادلة: إما إدارة الجلسة، وبالتالي الخروج من سباق الرئاسة، أو التنازل لمن يليه.
"المقعد الأول" كبوصلة للتحالفات إن قرار النائب مجحم الصقور، الذي ينتظره المجلس، ليس مجرد تطبيق لمادة إجرائية جافة، بل هو "طلقة البداية" الفعلية لسباق الرئاسة. هذا الإجراء، الذي يبدو بسيطا، يعمل كـ "فلتر سياسي" مبكر، فهو يجبر أحد أبرز النواب المخضرمين على كشف أوراقه فورا.
إذا اختار الصقور إدارة الجلسة، سيعاد ترتيب أوراق المرشحين المحتملين الآخرين. أما إذا اختار التنحي، فسيقرأ ذلك على أنه إعلان ترشح غير مباشر، يطلق العنان رسميا لتشكيل الكتل، واستقطاب الأصوات، وبدء "بازار" التحالفات الذي يسبق عادة انتخاب رئيس المجلس. وبهذا، تصبح الدقائق الأولى للدورة العادية الجديدة، وتحديدا هوية من سيجلس على "مقعد الرئيس المؤقت"، هي المؤشر الأوضح على ملامح المنافسة السياسية التي ستطبع أداء المجلس في عامه الثاني.



